فصل: الباب الحادي عشر في الشهادة على الشهادة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الفتاوى الهندية



.الباب الحادي عشر في الشهادة على الشهادة:

الشَّهَادَةُ عَلَى الشَّهَادَةِ جَائِزَةٌ فِي كُلِّ حَقٍّ لَا يَسْقُطُ بِشُبْهَةٍ، وَهَذَا اسْتِحْسَانٌ فَلَا تُقْبَلُ فِيمَا يَنْدَرِئُ بِالشُّبُهَاتِ كَالْحُدُودِ وَالْقِصَاصِ، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ.
وَفِي شَهَادَاتِ الْأَصْلِ لَوْ شَهِدَ شَاهِدَانِ عَلَى شَهَادَةِ شَاهِدَيْنِ أَنَّ قَاضِيَ كَذَا ضَرَبَ فُلَانًا حَدًّا فِي قَذْفٍ فَهُوَ جَائِزٌ وَذَكَرَ فِي دِيَاتِ الْأَصْلِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
أَمَّا التَّعْزِيرُ فَفِي الْأَجْنَاسِ مِنْ نَوَادِرِ ابْنِ رُسْتُمَ عَنْ مُحَمَّدٍ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- يَجُوزُ فِي التَّعْزِيرِ لِشَهَادَةٍ عَلَى الشَّهَادَةِ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ.
وَكَمَا تَجُوزُ فِي دَرَجَةٍ تَجُوزُ فِي دَرَجَاتٍ حَتَّى تَجُوزَ الشَّهَادَةُ عَلَى شَهَادَةِ الْفُرُوعِ، ثُمَّ وَثُمَّ صِيَانَةً لِحُقُوقِهِمْ عَنْ الْإِتْوَاءِ، كَذَا فِي الْكَافِي.
لَا تَجُوزُ عَلَى شَهَادَةِ رَجُلٍ أَقَلُّ مِنْ شَهَادَةِ رَجُلَيْنِ، أَوْ رَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ، وَكَذَا عَلَى شَهَادَةِ الْمَرْأَةِ، وَهَذَا عِنْدَنَا، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
رَجُلَانِ شَهِدَا عَلَى شَهَادَةِ رَجُلَيْنِ، أَوْ عَلَى شَهَادَةِ قَوْمٍ جَازَ عِنْدَنَا، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
لَوْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا عَلَى شَهَادَةِ نَفْسِهِ وَشَهِدَ آخَرَانِ عَلَى رَجُلٍ آخَرَ تُقْبَلُ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
وَلَوْ شَهِدَا عَلَى شَهَادَةِ رَجُلٍ وَاحِدٍ بِمَا يَشْهَدُ بِنَفْسِهِ أَيْضًا لَمْ تَجُزْ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
(وَصِفَةُ الْإِشْهَادِ):
أَنْ يَقُولَ شَاهِدُ الْأَصْلِ لِشَاهِدِ الْفَرْعِ: أَشْهَدُ أَنَّ لِزَيْدٍ عَلَى بَكْرٍ كَذَا فَاشْهَدْ أَنْتَ عَلَى شَهَادَتِي بِذَلِكَ، أَوْ يَقُولَ اشْهَدْ عَلَى شَهَادَتِي أَنِّي أَشْهَدُ أَنَّ فُلَانَ بْنَ فُلَانٍ أَقَرَّ عِنْدِي بِكَذَا، أَوْ يَقُولَ اشْهَدْ أَنِّي سَمِعْتُ فُلَانًا يُقِرُّ لِفُلَانٍ بِكَذَا فَاشْهَدْ أَنْتَ عَلَى شَهَادَتِي بِذَلِكَ، وَلَا يَقُولُ اشْهَدَا عَلَيَّ بِذَلِكَ، وَكَذَا لَا يَقُولُ فَاشْهَدْ بِشَهَادَتِي، وَلَا بُدَّ أَنْ يَشْهَدَ كَمَا يَشْهَدُ عِنْدَ الْقَاضِي لِيُنْقَلَ إلَى مَجْلِسِ الْقَضَاءِ، وَلَا يَحْتَاجُ الْأَصْلَ إلَى أَنْ يَقُولَ أَشْهَدَنِي فُلَانٌ عَلَى نَفْسِهِ، كَذَا فِي الْكَافِي.
لَوْ أَنَّ أَصْلَيْنِ قَالَا لِرَجُلَيْنِ اشْهَدَا أَنَّا سَمِعْنَا فُلَانًا يُقِرُّ عَلَى نَفْسِهِ لِفُلَانٍ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَاشْهَدَا عَلَيْنَا بِذَلِكَ فَشَهِدَ الْفَرْعَانِ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا، وَكَذَا لَوْ قَالَ الْأَصْلَانِ نَشْهَدُ أَنَّ فُلَانًا أَقَرَّ أَنَّ لِفُلَانٍ عَلَيْهِ أَلْفَ دِرْهَمٍ فَاشْهَدَا أَنَّا نَشْهَدُ بِذَلِكَ، أَوْ قَالَا: فَاشْهَدَا عَلَيْهِ أَنَّا نَشْهَدُ عَلَيْهِ بِذَلِكَ، أَوْ قَالَا: فَاشْهَدَا عَلَيْنَا بِمَا شَهِدْنَا، أَوْ قَالَا: لِفُلَانٍ عَلَى فُلَانٍ أَلْفُ دِرْهَمٍ فَاشْهَدَا أَنَّا شَهِدْنَا عَلَيْهِ، أَوْ قَالَا: فَاشْهَدَا عَلَى مَا شَهِدْنَا، وَكَذَا لَوْ قَالَ الْأَصْلُ لِلْفَرْعِ اشْهَدْ أَنِّي أَشْهَدُ عَلَى إقْرَارِ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ لِفُلَانِ بْنِ فُلَانٍ بِكَذَا دِرْهَمٍ لَا يَصِحُّ الْإِشْهَادُ فِي هَذِهِ الْوُجُوهِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَإِذَا أَرَادَ أَنْ يُشْهِدَ غَيْرَهُ عَلَى شَهَادَتِهِ يَنْبَغِي أَنْ يُحْضِرَ الطَّالِبَ وَالْمَطْلُوبَ وَيُشِيرَ إلَيْهِمَا وَإِذَا أَرَادَ أَنْ يُشْهِدَ عِنْدَ غَيْبَتِهِمَا يَنْبَغِي أَنْ يَذْكُرَ اسْمَهُمَا وَنَسَبَهُمَا إلَّا أَنَّهُ إذَا كَانَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ غَائِبًا فَذَكَرَ الِاسْمَ وَالنَّسَبَ يَجُوزُ لِلْإِشْهَادِ، وَلَا يَكْفِي هَذَا الْقَدْرُ لِلْقَضَاءِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَيَقُولُ شَاهِدُ الْفَرْعِ عِنْدَ الْأَدَاءِ أَشْهَدُ أَنَّ فُلَانًا أَشْهَدَنِي عَلَى شَهَادَتِهِ أَنَّ فُلَانًا أَقَرَّ عِنْدِي بِكَذَا، وَقَالَ لِي اشْهَدْ عَلَى شَهَادَتِي بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ شَهَادَتِهِ وَذِكْرِهِ شَهَادَةَ الْأَصْلِ وَذِكْرِهِ التَّحْمِيلَ، وَلَهَا لَفْظٌ أَطْوَلُ مِنْ هَذَا وَأَقْصَرُ مِنْهُ وَخَيْرُ الْأُمُورِ أَوْسَطُهَا، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ.
وَهُوَ الْأَصَحُّ، كَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ.
لَوْ شَهِدَ الْفُرُوعُ وَلَمْ يَقُولُوا نَحْنُ نَشْهَدُ عَلَى شَهَادَتِهِ هَذِهِ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْفَتَاوَى.
وَيَنْبَغِي أَنْ يَذْكُرَ الْفَرْعُ اسْمَ الشَّاهِدِ الْأَصْلِ وَاسْمَ أَبِيهِ وَجَدِّهِ حَتَّى لَوْ تُرِكَ ذَلِكَ فَالْقَاضِي لَا يَقْبَلُ شَهَادَتَهُمَا، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ شُهُودِ الْفَرْعِ إلَّا أَنْ يَمُوتَ شُهُودُ الْأَصْلِ، أَوْ يَمْرَضُوا مَرَضًا لَا يَسْتَطِيعُونَ حُضُورَ مَجْلِسِ الْقَاضِي أَوْ يَغِيبُوا مَسِيرَةَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَلَيَالِيهَا فَصَاعِدًا، كَذَا فِي الْكَافِي.
هَذَا ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ وَالْفَتْوَى عَلَيْهِ هَكَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- أَنَّهُ إنْ كَانَ فِي مَكَانٍ لَوْ غَدَا لِأَدَاءِ الشَّهَادَةِ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَبِيتَ فِي أَهْلِهِ صَحَّ الْإِشْهَادُ وَبِهِ أَخَذَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ، كَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ.
وَالْهِدَايَةِ.
وَكَثِيرٌ مِنْ مَشَايِخِنَا أَخَذُوا بِهَذِهِ الرِّوَايَةِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى هَكَذَا فِي الْفَتَاوَى السِّرَاجِيَّةِ.
وَفِي نَوَادِرِ هِشَامٍ سَأَلْتُ مُحَمَّدًا- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- عَنْ رَجُلٍ خَرَجَ وَشَيَّعَهُ قَوْمٌ، وَهُوَ يُرِيدُ مَكَّةَ، أَوْ سَفَرًا آخَرَ سَمَّاهُ، ثُمَّ وَدَّعَهُ الْقَوْمُ وَانْصَرَفُوا، ثُمَّ شَهِدَ قَوْمٌ عَلَى شَهَادَتِهِ وَادَّعَى الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ أَنَّهُ حَاضِرٌ فَقَدْ شَهِدَتْ الْبَيِّنَةُ عَلَى مَا سَمَّى، وَلَمْ يَزِيدُوا عَلَى ذَلِكَ هَلْ تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ عَلَى الشَّهَادَةِ فِي قَوْلِ مَنْ لَا تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ عَلَى حَاضِرٍ؟ قَالَ: بَلَى؛ لِأَنَّ الْغَيْبَةَ تَكُونُ هَكَذَا، فَإِنْ كَانَ وَدَّعَهُمْ، وَهُوَ فِي مَنْزِلِهِ وَلَمْ يَرَوْهُ حِينَ خَرَجَ لَا أَقْبَلُ شَهَادَتَهُمْ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
قَالَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ حُسَامُ الدِّينِ لَا تَجُوزُ الشَّهَادَةُ عَلَى الشَّهَادَةِ مِنْ الْأَمِيرِ وَالسُّلْطَانِ إذَا كَانَا فِي الْبَلْدَةِ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ.
وَتَجُوزُ شَهَادَةُ الِابْنِ عَلَى شَهَادَةِ الْأَبِ دُونَ قَضَائِهِ فِي رِوَايَةٍ وَالصَّحِيحُ الْجَوَازُ فِيهِمَا، كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ.
إنْ كَانَ الْأَصْلُ مَحْبُوسًا فِي الْمِصْرِ فَأَشْهَدَ عَلَى شَهَادَتِهِ هَلْ يَجُوزُ لِلْفَرْعِ أَنْ يَشْهَدَ عَلَى شَهَادَتِهِ وَإِذَا شَهِدَ عِنْدَ الْقَاضِي فَالْقَاضِي هَلْ يَعْمَلُ بِشَهَادَتِهِ؟ لَا ذِكْرَ لِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي شَيْءٍ مِنْ الْكُتُبِ، وَقَدْ اخْتَلَفَ مَشَايِخُ زَمَانِنَا بَعْضُهُمْ قَالُوا: إنْ كَانَ مَحْبُوسًا فِي سِجْنِ هَذَا الْقَاضِي لَا يَجُوزُ، وَإِنْ كَانَ مَحْبُوسًا فِي سِجْنِ الْوَالِي وَلَا يُمْكِنُهُ الْإِخْرَاجُ مِنْ الْحَبْسِ يَجُوزُ، وَقَدْ قِيلَ: يَنْبَغِي أَنْ لَا يَجُوزَ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
الْأَصْلُ فِي الشَّاهِدِ إذَا كَانَ امْرَأَةً مُخَدَّرَةً يَجُوزُ إشْهَادُهَا عَلَى شَهَادَتِهَا وَالْمَرْأَةُ الَّتِي تَخْرُجُ مِنْ بَيْتِهَا لِقَضَاءِ حَاجَتِهَا وَلِأَجْلِ الْحَمَّامِ وَنَحْوِهِ تَكُونُ مُخَدَّرَةً بِشَرْطِ أَنْ لَا تُخَالِطَ الرِّجَالَ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ.
إنْ كَانَ الْأَصْلُ مُعْتَكِفًا قَالَ الْقَاضِي بَدِيعُ الدِّينِ: لَا يَجُوزُ سَوَاءٌ كَانَ مَنْذُورًا، أَوْ غَيْرَ مَنْذُورٍ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
وَفِي الْفَتَاوَى الصُّغْرَى الْإِشْهَادُ عَلَى شَهَادَةِ نَفْسِهِ يَجُوزُ إنْ لَمْ يَكُنْ بِالْأُصُولِ عُذْرٌ حَتَّى لَوْ حَلَّ بِهِمْ الْعُذْرُ مِنْ مَرَضٍ، أَوْ سَفَرٍ، أَوْ مَوْتٍ يَشْهَدُ الْفُرُوعُ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
لَوْ أَنَّ فُرُوعًا شَهِدُوا عَلَى شَهَادَةِ الْأُصُولِ، ثُمَّ حَضَرَ الْأُصُولُ قَبْلَ الْقَضَاءِ لَا يُقْضَى بِشَهَادَةِ الْفُرُوعِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
شَاهِدُ الْأَصْلِ أَشْهَدَ غَيْرَهُ عَلَى شَهَادَتِهِ، وَلَمْ يَتَحَمَّلْهَا، وَقَالَ لَا أَقْبَلُ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَصِيرَ شَاهِدًا، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ.
رَجُلٌ أَشْهَدَ رَجُلًا عَلَى شَهَادَتِهِ، ثُمَّ نَهَاهُ أَنْ يَشْهَدَ عَلَى شَهَادَتِهِ لَا يَصِحُّ نَهْيُهُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ- رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى- حَتَّى لَوْ شَهِدَ عَلَى شَهَادَتِهِ بَعْدَ النَّهْيِ جَازَتْ شَهَادَتُهُ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَلَوْ شَهِدَا عَلَى شَهَادَةِ رَجُلَيْنِ أَنَّهُ أَعْتَقَ عَبْدَهُ فَلَمْ يَقْضِ بِشَهَادَتِهِمَا حَتَّى حَضَرَ الْأَصْلَانِ وَنَهَيَا الْفُرُوعَ عَنْ الشَّهَادَةِ صَحَّ عِنْدَ عَامَّةِ الْمَشَايِخِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَا يَصِحُّ وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
وَإِنْ أَنْكَرَ شُهُودُ الْأَصْلِ الشَّهَادَةَ لَمْ تُقْبَلْ شَهَادَةُ شُهُودِ الْفَرْعِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ.
لَوْ أَنَّ فَرْعَيْنِ شَهِدَا عَلَى شَهَادَةِ أَصْلٍ فَخَرِسَ الْمَشْهُودُ عَلَى شَهَادَتِهِ، أَوْ عَمِيَ، أَوْ ارْتَدَّ، أَوْ فَسَقَ، أَوْ ذَهَبَ عَقْلُهُ وَصَارَ بِحَالٍ لَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُ بَطَلَ إشْهَادُهُ عَلَى شَهَادَتِهِ، وَإِذَا شَهِدَ الْفَرْعُ عَلَى شَهَادَةِ أَصْلٍ فَرُدَّتْ شَهَادَتُهُ لِفِسْقٍ الْأَصْلِ لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ أَحَدِهِمَا بَعْدَ ذَلِكَ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَالْمَبْسُوطِ وَهَكَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
إذَا أَشْهَدَ الرَّجُلُ رَجُلًا عَلَى شَهَادَتِهِ، ثُمَّ صَارَ الْأَصْلُ بِحَالٍ لَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُ، ثُمَّ صَارَ بِحَالٍ تَجُوزُ شَهَادَتُهُ بِأَنْ فَسَقَ، ثُمَّ تَابَ، ثُمَّ إنَّ الْفَرْعَ شَهِدَ عَلَى شَهَادَةِ الْأَصْلِ جَازَتْ شَهَادَتُهُ، وَإِنْ أَشْهَدَا رَجُلَيْنِ عَلَى شَهَادَتِهِمَا وَالْفَرْعَانِ عَدْلَانِ، ثُمَّ صَارَا فَاسِقَيْنِ، ثُمَّ صَارَا عَدْلَيْنِ فَشَهِدَا، أَوْ أَشْهَدَا عَلَى شَهَادَتِهِمَا فَهُوَ جَائِزٌ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
إنْ شَهِدَ الْفَرْعَانِ عِنْدَ الْقَاضِي فَرَدَّ الْقَاضِي شَهَادَتَهُمَا لِلتُّهْمَةِ فِي الْأَوَّلَيْنِ لَا يَقْبَلُهَا بَعْدَ ذَلِكَ لَا مِنْ الْأَوَّلَيْنِ، وَلَا مِمَّنْ شَهِدَ عَلَى شَهَادَتِهِمَا، وَإِنْ كَانَ رَدَّ شَهَادَةَ الْفَرْعَيْنِ لِتُهْمَةٍ فِيهِمَا فَشَهَادَةُ الْأَوَّلَيْنِ جَائِزَةٌ إذَا كَانَا عَدْلَيْنِ، وَكَذَلِكَ إنْ أَشْهَدَا رَجُلَيْنِ عَدْلَيْنِ آخَرَيْنِ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
إذَا شَهِدَ شَاهِدَانِ عَلَى شَهَادَةِ عَبْدَيْنِ، أَوْ مُكَاتَبَيْنِ أَوْ كَافِرَيْنِ عَلَى مُسْلِمٍ فَرَدَّهَا الْقَاضِي بِذَلِكَ، ثُمَّ عَتَقَ الْعَبْدَانِ وَالْمُكَاتَبَانِ وَأَسْلَمَ الْكَافِرَانِ وَشَهِدَا بِذَلِكَ، أَوْ أَشْهَدَاهُمَا، أَوْ غَيْرَهُمَا عَلَى شَهَادَتِهِمَا جَازَ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
إنْ كَانَ الْأَصْلُ فَاسِقًا عِنْدَ الْإِشْهَادِ، ثُمَّ تَابَ لَمْ يَشْهَدْ الْفَرْعُ إلَّا أَنْ يُعَادَ الْإِشْهَادُ، كَذَا فِي الْعَتَّابِيَّةِ.
لَوْ أَنْ شَاهِدَيْ الْأَصْلِ ارْتَدَّا، ثُمَّ أَسْلَمَا لَمْ تَجُزْ شَهَادَةُ الْفَرْعَيْنِ عَلَى شَهَادَتِهِمَا، وَلَوْ شَهِدَ الْأَصْلَانِ بِأَنْفُسِهِمَا بَعْدَمَا أَسْلَمَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
إذَا قَالَ الْفُرُوعُ: أَشْهَدَنَا الْأُصُولُ عَلَى شَهَادَتِهِمْ لِفُلَانِ بْنِ فُلَانٍ عَلَى فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ بِكَذَا إلَّا أَنَّا لَا نَعْرِفُ فُلَانَ بْنَ فُلَانٍ الْمَشْهُودَ عَلَيْهِ بِكَذَا فَالْقَاضِي يَقْبَلُ الشَّهَادَةَ وَيَأْمُرُ الْمُدَّعِيَ أَنْ يُقِيمَ بَيِّنَةً أَنَّ الَّذِي أَحْضَرَهُ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
فَرْعَانِ شَهِدَا عَلَى شَهَادَةِ أَصْلَيْنِ إنْ كَانَ الْقَاضِي يَعْرِفُ الْأُصُولَ وَالْفُرُوعَ بِالْعَدَالَةِ قَضَى بِشَهَادَتِهِمْ، وَإِنْ عَرَفَ الْأُصُولَ بِالْعَدَالَةِ، وَلَمْ يَعْرِفْ الْفُرُوعَ يَسْأَلُ عَنْ الْفُرُوعِ، وَإِنْ عَرَفَ الْفُرُوعَ بِالْعَدَالَةِ، وَلَمْ يَعْرِفْ الْأُصُولَ ذَكَرَ الْخَصَّافُ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- أَنَّ الْقَاضِيَ يَسْأَلُ الْفُرُوعَ عَنْ أُصُولِهِمْ، وَلَا يَقْضِي قَبْلَ السُّؤَالِ، فَإِنْ عَدَّلَا الْأُصُولُ تَثْبُتُ عَدَالَةُ الْأُصُولِ بِشَهَادَتِهِمَا فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَة وَعَنْ مُحَمَّدٍ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- أَنَّهُ لَا تَثْبُتُ عَدَالَةُ الْأُصُولِ بِتَعْدِيلِ الْفُرُوعِ وَالصَّحِيحُ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ، وَإِنْ قَالَ الْفَرْعَانِ لِلْقَاضِي: لَا نُخْبِرُكَ، لَا يَقْبَلُ الْقَاضِي شَهَادَتَهُمَا، فَإِنْ قَالَ الْمُدَّعِي أَنَا آتِيك بِمَنْ يُعَدِّلُهُمَا عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- لَا يَلْتَفِتُ إلَيْهِ، وَلَا يَقْضِي بِشَهَادَتِهِمَا، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَإِنْ قَالَ الْمُدَّعِي لِلْقَاضِي سَلْ عَنْ الْأَصْلِ فَإِنَّهُ عَدْلٌ لَا يَقْبَلُ ذَلِكَ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
إذَا قَالَ الْفَرْعَانِ لَا نَعْرِفُ الْأَصْلَ أَعَدْلٌ أَمْ لَا قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ لَا يَرُدُّ الْقَاضِي شَهَادَتَهُمَا وَيَسْأَلُ عَنْ الْأُصُولِ غَيْرَهُمَا، وَهُوَ الصَّحِيحُ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَهَكَذَا رُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى-، وَهُوَ الصَّحِيحُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَالذَّخِيرَةِ.
لَوْ قَالَ الْفَرْعُ لِلْقَاضِي أَنَا أَتَّهِمُهُ فِي الشَّهَادَةِ لَا يَقْبَلُ الْقَاضِي شَهَادَةَ الْفَرْعِ عَلَى شَهَادَتِهِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَإِنْ سَكَتَ الْفُرُوعُ عَنْ تَعْدِيلِهِمْ صَحَّ وَيَتَعَرَّفُ الْقَاضِي عَدَالَةَ شُهُودِ الْأَصْلِ مِمَّنْ هُوَ مِنْ أَهْلِ التَّزْكِيَةِ، وَهَذَا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى-، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- لَا يَقْبَلُ هَكَذَا فِي الْكَافِي.
ذَكَرَ هِشَامٌ عَنْ مُحَمَّدٍ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- فِي عَدْلٍ أَشْهَدَ عَلَى شَهَادَتِهِ شَاهِدَيْنِ، ثُمَّ غَابَ غَيْبَةً مُنْقَطِعَةً نَحْوَ عِشْرِينَ سَنَةٍ، وَلَا يَدْرِي أَهُوَ عَلَى عَدَالَتِهِ أَمْ لَا فَشَهِدَا عَلَى تِلْكَ الشَّهَادَةِ، وَلَمْ يَجِدْ الْحَاكِمُ مَنْ يَسْأَلُهُ عَنْ حَالِهِ إنْ كَانَ الْأَصْلُ مَشْهُورًا كَأَبِي حَنِيفَةَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- وَسُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ قَضَى بِشَهَادَتِهِمَا؛ لِأَنَّ عِشْرَةَ الْمَشْهُورِ يُتَحَدَّثُ بِهَا، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مَشْهُورٍ لَا يَقْضِي بِهَا، كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ.
قَالَ فِي الْجَامِعِ إذَا شَهِدَ شَاهِدَانِ عَلَى شَهَادَةِ شَاهِدَيْنِ عَلَى الْقَتْلِ خَطَأً وَقَضَى الْقَاضِي بِالدِّيَةِ عَلَى الْعَاقِلَةِ، ثُمَّ جَاءَ الْمَشْهُودُ بِقَتْلِهِ حَيًّا فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْفُرُوعِ وَلَكِنْ يَرُدُّ الْوَلِيُّ الدِّيَةَ عَلَى الْعَاقِلَةِ، وَلَوْ جَاءَ الشَّاهِدَانِ الْأَصْلَانِ وَأَنْكَرَا الشَّهَادَةَ لَمْ يَصِحَّ إقْرَارُهُمَا فِي حَقِّ الْفَرْعَيْنِ حَتَّى لَا يَجِبَ عَلَيْهِمَا الضَّمَانُ، وَلَا ضَمَانَ عَلَى الْأَصْلَيْنِ أَيْضًا، وَإِنْ قَالَ الْأُصُولُ إنَّا قَدْ أَشْهَدْنَاهُمَا بِبَاطِلٍ وَنَحْنُ نَعْلَمُ يَوْمَئِذٍ أَنَّا كُنَّا كَاذِبَيْنِ لَمْ يَضْمَنَا شَيْئًا فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ- رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى-، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- الْعَاقِلَةُ بِالْخِيَارِ إذَا شَاءُوا ضَمَّنُوا الْأُصُولَ، وَإِنْ شَاءُوا ضَمَّنُوا الْوَلِيَّ، فَإِنْ ضَمَّنُوا الْأَصْلَيْنِ رَجَعَا عَلَى الْوَلِيِّ، وَإِنْ ضَمَّنُوا الْوَلِيَّ لَمْ يَرْجِعْ عَلَى الْأَصْلَيْنِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

.الباب الثاني عشر في الجرح والتعديل:

لَا بُدَّ أَنْ يَسْأَلَ الْقَاضِي عَنْ الشُّهُودِ فِي السِّرِّ وَالْعَلَانِيَةِ فِي سَائِرِ الْحُقُوقِ طَعَنَ الْخَصْمُ أَمْ لَا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ- رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى- وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- يَقْتَصِرُ عَلَى ظَاهِرِ الْعَدَالَةِ فِي الْمُسْلِمِ حَتَّى يَطْعَنَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ إلَّا فِي الْحُدُودِ وَالْقِصَاصِ فَإِنَّهُ يَسْأَلُ فِي السِّرِّ وَيُزَكِّي فِي الْعَلَانِيَةِ فِيهِمَا بِالْإِجْمَاعِ طَعَنَ الْخَصْمُ، أَوْ لَمْ يَطْعَنْ وَالْفَتْوَى عَلَى قَوْلِهِمَا فِي هَذَا الزَّمَانِ هَكَذَا فِي الْكَافِي.
فَإِنْ لَمْ يَطْعَنْ الْخَصْمُ فِي الشُّهُودِ بَلْ عَدَّلَهُمْ بِأَنْ قَالَ: هُمْ عُدُولٌ صَدَقُوا فِيمَا شَهِدُوا عَلَيَّ، أَوْ قَالَ: هُمْ عُدُولٌ جَائِزَةٌ شَهَادَتُهُمْ لِي وَعَلَيَّ فَالْقَاضِي يَقْضِي عَلَيْهِ بِدَعْوَى الْمُدَّعِي، وَلَا يَسْأَلُ عَنْ الشُّهُودِ؛ لِأَنَّهُ أَقَرَّ بِالْحَقِّ، وَإِنْ قَالَ: هُمْ عُدُولٌ، وَلَمْ يَزِدْ، أَوْ قَالَ: هُمْ عُدُولٌ إلَّا أَنَّهُمْ أَخْطَئُوا فِي الشَّهَادَةِ، فَإِنْ كَانَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَدْلًا لَا يَصْلُحُ لِلتَّزْكِيَةِ، يُنْظَرُ إنْ لَمْ يَجْحَدْ دَعْوَى الْمُدَّعِي عِنْدَ الْجَوَابِ بَلْ سَكَتَ حَتَّى شَهِدَ عَلَيْهِ الشُّهُودُ، ثُمَّ قَالَ: هُمْ عُدُولٌ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ- رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى- الْقَاضِي يَقْضِي لِلْمُدَّعِي بِشَهَادَتِهِمْ، وَلَا يَسْأَلُ عَنْهُمْ سَوَاءٌ كَانَ الْمُدَّعَى بِهِ حَقًّا يَثْبُتُ مَعَ الشُّبُهَاتِ، أَوْ لَا يَثْبُتُ مَعَهَا، وَقَالَ مُحَمَّدٌ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- الْقَاضِي لَا يَقْضِي قَبْلَ السُّؤَالِ بَلْ يَسْأَلُ عَنْهُمْ، وَإِنْ جَحَدَ دَعْوَى الْمُدَّعِي فَلَمَّا شَهِدَ عَلَيْهِ الشُّهُودُ قَالَ: هُمْ عُدُولٌ، فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ جُعِلَ هَذَا عَلَى الْخِلَافِ الَّذِي تَقَدَّمَ عِنْدَهُمَا يَقْضِي الْقَاضِي مِنْ غَيْرِ سُؤَالٍ، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- لَا يَقْضِي مَا لَمْ يَسْأَلْ مِنْ غَيْرِهِ وَذَكَرَ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ أَنَّ فِي هَذَا الْوَجْهِ لَا يَصِحُّ تَعْدِيلُ الْخَصْمِ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ- رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى- وَيَكُونُ تَعْدِيلُهُ بِمَنْزِلَةِ الْعَدَمِ، وَفِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ عَنْ مُحَمَّدٍ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- فِي هَذَا الْوَجْهِ يَقُولُ الْقَاضِي لِلْخَصْمِ مَاذَا تَقُولُ أَصَدَقُوا فِي الشَّهَادَةِ أَمْ كَذَبُوا إنْ قَالَ: صَدَقُوا فَقَدْ أَقَرَّ بِمَا ادَّعَى الْمُدَّعِي، وَإِنْ قَالَ: كَذَبُوا لَا يَقْضِي، وَإِنْ كَانَ فَاسِقًا، أَوْ مَسْتُورًا لَا يَصِحُّ تَعْدِيلُهُ، وَلَا يَقْضِي الْقَاضِي، وَلَا يَجْعَلُ قَوْلَ الْخَصْمِ هُمْ عُدُولٌ إقْرَارًا عَلَى نَفْسِهِ بِالْحَقِّ وَإِذَا لَمْ يَصِحَّ تَعْدِيلُهُ.
إذَا كَانَ فَاسِقًا أَوْ مَسْتُورًا يَسْأَلُهُ الْقَاضِي أَصَدَقَ الشُّهُودُ أَمْ كَذَبُوا، فَإِنْ قَالَ: صَدَقُوا كَانَ ذَلِكَ إقْرَارًا فَيَقْضِي الْقَاضِي بِإِقْرَارِهِ، وَإِنْ قَالَ: كَذَبُوا لَا يَقْضِي هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
إذَا عَدَّلَهُمَا قَبْلَ أَنْ يَشْهَدَا عَلَيْهِ، ثُمَّ شَهِدَا عَلَيْهِ فَأَنْكَرَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ مَا شَهِدَا بِهِ فَالْقَاضِي لَا يَكْتَفِي بِذَلِكَ التَّعْدِيلِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
رَجُلٌ شَهِدَ عَلَيْهِ شَاهِدَانِ بِحَقٍّ فَعَدَّلَ أَحَدَهُمَا، فَقَالَ: هُوَ عَدْلٌ إلَّا أَنَّهُ غَلِطَ، أَوْ وَهَمَ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَسْأَلُ عَنْ الشَّاهِدِ الْآخَرِ، فَإِنْ عَدَّلَ الشَّاهِدَ الثَّانِيَ قَضَى الْقَاضِي بِشَهَادَتِهِمَا لِأَنَّ قَوْلَهُ غَلِطَ، أَوْ وَهَمَ لَيْسَ بِجَرْحٍ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
إنْ شَهِدَ عَلَيْهِ فَقَالَ بَعْدَمَا شَهِدَ عَلَيْهِ: الَّذِي شَهِدَ بِهِ فُلَانٌ عَلَيَّ حَقٌّ، أَوْ قَالَ: الَّذِي شَهِدَ بِهِ فُلَانٌ عَلَيَّ هُوَ الْحَقُّ أَلْزَمَهُ الْقَاضِي، وَلَمْ يَسْأَلْ عَنْ الْآخَرِ، وَإِنْ قَالَ ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَشْهَدَا عَلَيْهِ بِأَنْ قَالَ: الَّذِي يَشْهَدُ بِهِ فُلَانٌ عَلَيَّ حَقٌّ، أَوْ قَالَ: الَّذِي يَشْهَدُ بِهِ فُلَانٌ عَلَيَّ هُوَ الْحَقُّ فَلَمَّا شَهِدَا عَلَيْهِ قَالَ لِلْقَاضِي سَلْ عَنْهُمَا فَإِنَّهُمَا شَهِدَا عَلَيَّ بِبَاطِلٍ وَمَا كُنْت أَظُنُّهُمَا يَشْهَدَانِ عَلَيَّ بِمَا شَهِدَا بِهِ يَلْزَمُهُ ذَلِكَ وَيَسْأَلُ الْقَاضِي عَنْهُمَا فَإِنْ عُدِّلَا أَمْضَى شَهَادَتَهُمَا، وَإِنْ لَمْ يُعَدَّلَا لَا، كَذَا فِي شَرْحِ أَدَبِ الْقَاضِي لِلْخَصَّافِ لِلصَّدْرِ الشَّهِيدِ.
وَهَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَفِي فَتَاوَى أَبِي اللَّيْثِ شَاهِدَانِ شَهِدَا عِنْدَ الْقَاضِي وَالْحَاكِمُ يَعْرِفُ أَحَدَهُمَا بِالْعَدَالَةِ، وَلَا يَعْرِفُ الْآخَرَ فَزَكَّاهُ الْمَعْرُوفُ بِالْعَدَالَةِ قَالَ نُصَيْرٌ لَا يَقْبَلُ تَعْدِيلَهُ وَعَنْ أَبِي سَلَمَةَ رِوَايَتَانِ وَعَنْ الْفَقِيهِ أَبِي بَكْرٍ الْبَلْخِيّ فِي ثَلَاثَةٍ شَهِدُوا عِنْدَ الْحَاكِمِ، وَهُوَ يَعْرِفُ اثْنَيْنِ، وَلَمْ يَعْرِفْ الثَّالِثَ فَعَدَّلَهُ الِاثْنَانِ قَالَ: يَجُوزُ تَعْدِيلُهُمَا إيَّاهُ فِي شَهَادَةٍ أُخْرَى، وَلَا يَجُوزُ فِي هَذِهِ الشَّهَادَةِ، وَإِنَّهُ مُوَافِقٌ لِقَوْلِ نُصَيْرٍ وَبِهِ يُفْتَى، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
الْوَاحِدُ يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ مُزَكِّيًا وَرَسُولًا مِنْ الْقَاضِي إلَى الْمُزَكَّى وَمُتَرْجِمًا عَنْ الشَّاهِدِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ- رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى- وَالِاثْنَانِ أَفْضَلُ، وَهَذَا فِي تَزْكِيَةِ السِّرِّ، أَمَّا فِي تَزْكِيَةِ الْعَلَانِيَةِ فَالْعَدَدُ شَرْطٌ بِالْإِجْمَاعِ، كَذَا فِي الْكَافِي.
أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ مَا يُشْتَرَطُ فِي الشَّاهِدِ مِنْ الْعَدَالَةِ وَالْبُلُوغِ وَالْحُرِّيَّةِ وَالْبَصَرِ يُشْتَرَطُ ذَلِكَ فِي الْمُزَكَّى فِي تَزْكِيَةِ الْعَلَانِيَةِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَتَزْكِيَةُ السِّرِّ تُقْبَلُ مِنْ الْعَبْدِ وَالْأَعْمَى وَالصَّبِيِّ وَالْمَحْدُودِ فِي الْقَذْفِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ- رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى-، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَالتُّرْجُمَان إذَا كَانَ أَعْمَى فَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- لَا يَجُوزُ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- أَنَّهُ يَجُوزُ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
الْمَرْأَةُ الْوَاحِدَةُ إذَا كَانَتْ ثِقَةً حُرَّةً جَازَتْ تَرْجَمَتُهَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ- رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى- كَالرَّجُلِ، وَهَذَا فِي الْأَمْوَالِ وَمَا تَجُوزُ شَهَادَتُهَا فِيهِ، أَمَّا فِيمَا لَا تَجُوزُ شَهَادَتُهَا فِيهِ فَلَا تَجُوزُ تَرْجَمَتُهَا فِيهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَتَصِحُّ تَزْكِيَةُ السِّرِّ مِنْ الْوَالِدِ وَالْوَلَدِ وَالْفَاسِقِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ- رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى-، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَكَذَا كُلُّ مَنْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لَهُ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
وَيُقْبَلُ تَعْدِيلُ الْمَرْأَةِ لِزَوْجِهَا وَغَيْرِهِ إذَا كَانَتْ امْرَأَةً بَرْزَةً تُخَالِطُ النَّاسَ وَتُعَامِلُهُمْ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ إسْلَامَ الْمُزَكَّى شَرْطٌ إذَا كَانَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ مُسْلِمًا، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ لَفْظَةُ الشَّهَادَةِ فِي تَزْكِيَةِ الْعَلَانِيَةِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَيَنْبَغِي لِلْقَاضِي أَنْ يَخْتَارَ لِلْمَسْأَلَةِ عَنْ الشُّهُودِ مَنْ كَانَ عَدْلًا صَاحِبَ خِبْرَةٍ بِالنَّاسِ، وَأَنْ لَا يَكُونَ طَمَّاعًا وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ فَقِيهًا يَعْرِفُ أَسْبَابَ الْجَرْحِ وَالتَّعْدِيلِ، وَأَنْ يَكُونَ غَنِيًّا، وَإِنْ وَجَدَ عَالِمًا فَقِيرًا وَغَنِيًّا ثِقَةً غَيْرَ عَالِمٍ، أَوْ عَالِمًا ثِقَةً لَا يُخَالِطُ النَّاسَ وَثِقَةً غَيْرَ عَالِمٍ يُخَالِطُ النَّاسَ اخْتَارَ الْعَالِمَ وَالْأَوْلَى أَنْ لَا يَكُونَ الْمُزَكِّي مُغَفَّلًا، وَلَا يَكُونَ مُنْزَوِيًا لَا يُخَالِطُ النَّاسَ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ.
قَالَ فِي كِتَابِ الْأَقْضِيَةِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْمُعَدِّلُ فِي الْعَلَانِيَةِ هُوَ الْمُعَدِّلُ فِي السِّرِّ، وَهَذَا قَوْلُ أَصْحَابِنَا، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
وَصُورَةُ تَزْكِيَةِ الْعَلَانِيَةِ أَنْ يَجْمَعَ الْقَاضِي بَيْنَ الْمُعَدِّلِ وَالشَّاهِدِ وَيَقُولَ لِلْمُعَدِّلِ أَهَذَا الَّذِي عَدَّلْتَهُ؟ أَوْ يَقُولَ لِلْمُزَكِّي بِحَضْرَةِ الشُّهُودِ أَهَؤُلَاءِ عُدُولٌ مَقْبُولُو الشَّهَادَةِ، كَذَا فِي الْكِفَايَةِ.
وَصُورَةُ تَزْكِيَةِ السِّرِّ أَنْ يَبْعَثَ الْقَاضِي رَسُولًا إلَى الْمُزَكِّي، أَوْ يَكْتُبَ إلَيْهِ كِتَابًا فِيهِ أَسْمَاءُ الشُّهُودِ وَأَنْسَابُهُمْ وَحِلَاهُمْ وَمَحَالُّهُمْ وَسُوقُهُمْ إنْ كَانَ سُوقِيًّا حَتَّى يَتَعَرَّفَ الْمُزَكِّي فَيَسْأَلَ مِنْ جِيرَانِهِمْ وَأَصْدِقَائِهِمْ، كَذَا فِي النِّهَايَةِ.
وَيُنْفِذُ عَلَى يَدَيْ أَمِينِهِ مَخْتُومًا بِخَتْمِهِ إلَى ذَلِكَ الْمُزَكِّي، وَلَا يُطْلِعُ أَحَدًا عَلَى مَا فِي يَدِ صَاحِبِهِ حَتَّى لَا يُعْلَمَ فَيُخْدَعَ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
ثُمَّ الْقَاضِي إنْ شَاءَ يَجْمَعُ بَيْنَ تَزْكِيَةِ الْعَلَانِيَةِ وَبَيْنَ تَزْكِيَةِ السِّرِّ، وَإِنْ شَاءَ اكْتَفَى بِتَزْكِيَةِ السِّرِّ وَفِي زَمَانِنَا تَرَكُوا تَزْكِيَةَ الْعَلَانِيَةِ وَاكْتَفَوْا بِتَزْكِيَةِ السِّرِّ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَقَدْ كَانَتْ الْعَلَانِيَةُ وَحْدَهَا فِي الصَّدْرِ الْأَوَّلِ وَوَقَعَ الِاكْتِفَاءُ بِالسِّرِّ فِي زَمَانِنَا تَحَرُّزًا عَنْ الْفِتْنَةِ وَيُرْوَى عَنْ مُحَمَّدٍ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى-: تَزْكِيَةُ الْعَلَانِيَةِ بَلَاءٌ وَفِتْنَةٌ، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ.
وَيَنْبَغِي لِلْمُعَدِّلِ أَنْ يَخْتَارَ لِلسُّؤَالِ عَنْ الشُّهُودِ مَنْ كَانَ مَوْصُوفًا بِالْأَوْصَافِ الَّتِي شُرِطَتْ فِي الْمُزَكَّى، كَذَا فِي النِّهَايَةِ.
قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ إنَّمَا يَسْأَلُ مِنْ جِيرَانِهِ إذَا لَمْ تَكُنْ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ عَدَاوَةٌ ظَاهِرَةٌ، وَلَا يَتَحَامَلُ هُوَ عَلَيْهِمْ نَحْوُ أَنْ لَا يُعْطِيَ الْجِبَايَةَ وَمَا أَشْبَهَهَا، وَهُوَ اخْتِيَارُ أَبِي عَلِيٍّ النَّسَفِيِّ وَرَوَاهُ عَنْ مُحَمَّدٍ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى-، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
وَإِنْ لَمْ يَجِدْ فِي جِيرَانِهِ وَأَهْلِ سُوقِهِ مَنْ يَصْلُحُ لِلتَّعْدِيلِ يَسْأَلُ أَهْلَ مَحَلَّتِهِ، وَإِنْ وَجَدَ كُلَّهُمْ غَيْرَ ثِقَاتٍ يَعْتَمِدُ فِي ذَلِكَ عَلَى تَوَاتُرِ الْأَخْبَارِ، وَكَذَلِكَ إذَا سَأَلَ جِيرَانَهُ وَأَهْلَ مَحَلَّتِهِ وَهُمْ غَيْرُ ثِقَاتٍ فَاتَّفَقُوا عَلَى تَعْدِيلِهِ، أَوْ جَرْحِهِ وَوَقَعَ فِي قَلْبِهِ أَنَّهُمْ صَدَقُوا كَانَ ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ تَوَاتُرِ الْأَخْبَارِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
إذَا كَانَ الْمُعَدِّلُ لَا يَعْرِفُ الشَّاهِدَ فَعَدَّلَهُ شَاهِدَانِ عَدْلَانِ عِنْدَهُ وَسِعَهُ أَنْ يُعَدِّلَهُ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
فَمَنْ عَرَفَهُ بِالْعَدَالَةِ يَكْتُبُ تَحْتَ اسْمِهِ فِي كِتَابِ الْقَاضِي إلَيْهِ عَدْلٌ جَائِزُ الشَّهَادَةِ، كَذَا فِي النِّهَايَةِ.
وَيَكُونُ تَعْدِيلًا وَعَلَيْهِ الِاعْتِمَادُ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَرُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- أَنَّهُ قَالَ يَنْبَغِي أَنْ يَكْتُبَ تَحْتَ اسْمِهِ فِي كِتَابِ الْقَاضِي إلَيْهِ هُوَ عِنْدِي عَدْلٌ مَرْضِيٌّ جَائِزُ الشَّهَادَةِ وَبِهِ أَخَذَ عُلَمَاؤُنَا، وَقَالَ بَعْضُهُمْ هَذَا اللَّفْظُ لَا يَكُونُ تَعْدِيلًا؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ عِنْدِي لَفْظٌ مُوهِمٌ أَلَا يُرَى أَنَّ الشَّاهِدَ إذَا قَالَ الْحَقُّ عِنْدِي لِهَذَا الْمُدَّعِي يَكُونُ بَاطِلًا؟ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
وَالْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- زَيَّفَ هَذَا الْقَوْلَ، وَقَالَ: هَذَا عِنْدِي لَيْسَ بِشَيْءٍ؛ لِأَنَّ الْعَالِمَ بِالْحَقَائِقِ هُوَ اللَّهُ تَعَالَى، وَإِنَّمَا يُخْبِرُ الْمُكَلَّفُ عَمَّا عِنْدَهُ وَوَقَعَ اجْتِهَادُهُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَمَنْ عَرَفَهُ بِالْفِسْقِ لَا يَكْتُبُ شَيْئًا احْتِرَازًا عَنْ الْهَتْكِ، أَوْ يَقُولُ اللَّهُ أَعْلَمُ.
إلَّا إذَا عَدَّلَهُ غَيْرُهُ وَخَافَ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يُصَرِّحْ بِذَلِكَ يَقْضِي الْقَاضِي بِشَهَادَتِهِ فَحِينَئِذٍ يُصَرِّحُ بِذَلِكَ، كَذَا فِي الْعِنَايَةِ.
وَمَنْ لَمْ يَعْرِفْهُ بِعَدَالَةٍ، وَلَا فِسْقٍ يَكْتُبُ تَحْتَ اسْمِهِ مَسْتُورٌ، ثُمَّ يَرُدُّ الْمَسْتُورَةَ مَعَ أَمِينِ الْقَاضِي إلَيْهِ فِي السِّرِّ كَيْ لَا يُظْهَرَ فَيُخْدَعَ الْمُزَكِّي، أَوْ يُقْصَدَ بِالْأَذَى، كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ.
وَيَنْبَغِي أَنْ يُعَدِّلَهُ قَطْعًا، وَلَا يَقُولُ إنَّهُمْ عُدُولٌ عِنْدِي؛ لِأَنَّ الثِّقَاتِ أَخْبَرُونِي بِعَدَالَتِهِمْ، وَلَوْ قَالَ: لَا أَعْلَمُ مِنْهُمْ إلَّا خَيْرًا فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ تَعْدِيلٌ، وَلَوْ قَالَ: هُمْ فِيمَا عَلِمْنَاهُمْ عُدُولٌ الْأَصَحُّ أَنَّهُ لَيْسَ بِتَعْدِيلٍ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
وَفِي أَدَبِ الْقَاضِي إذَا قَالَ.
الْمُزَكِّي هُمْ عُدُولٌ فَهَذَا لَيْسَ بِتَعْدِيلٍ، وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ: هُمْ ثِقَاتٌ فَالْقَاضِي لَا يَكْتَفِي بِهِ، وَلَوْ قَالَ: إنَّهُ مُزَكًّى يُكْتَفَى بِهِ، وَإِنْ قَالَ: لَا أَعْلَمُ مِنْهُ إلَّا خَصْلَةً مِنْ أَنْوَاعِ الْخَيْرِ لَا يَكُونُ هَذَا تَعْدِيلًا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَقِيلَ: يُكْتَفَى بِقَوْلِهِ، وَهُوَ عَدْلٌ؛ لِأَنَّ الْحُرِّيَّةَ ثَابِتَةٌ بِالدَّارِ، وَهُوَ مِنْ أَهْلِهَا فَلَا تَلْزَمُ تِلْكَ الزِّيَادَةُ، وَهَذَا أَصَحُّ، كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ.
وَهَكَذَا فِي الْكَافِي.
وَإِنْ قَالَ: هُوَ عَدْلٌ إنْ لَمْ يَكُنْ يَشْرَبُ الْخَمْرَ فَهَذَا لَيْسَ بِتَعْدِيلٍ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
إنْ عَرَفَ الْمُزَكِّي الشُّهُودَ بِالْعَدَالَةِ غَيْرَ أَنَّهُ عَلِمَ أَنَّ دَعْوَى الْمُدَّعِي كَانَ بَاطِلًا، أَوْ أَنَّ الشُّهُودَ أَوْهَمُوا فِي بَعْضِ الشَّهَادَةِ يَنْبَغِي أَنْ يُبَيِّنَ لِلْقَاضِي مَا صَحَّ عِنْدَهُ مِنْ عَدَالَةِ الشُّهُودِ وَإِيهَامِهِمْ فِي بَعْضِ الشَّهَادَةِ، أَوْ بُطْلَانِ دَعْوَى الْمُدَّعِي، ثُمَّ الْقَاضِي يَتَفَحَّصُ عَمَّا أَخْبَرَ بِهِ الْمُزَكِّي غَايَةَ التَّفَحُّصِ، فَإِنْ تَبَيَّنَ لَهُ حَقِيقَةُ مَا أَخْبَرَ بِهِ الْمُزَكِّي رَدَّ شَهَادَةَ الشُّهُودِ، وَإِنْ لَمْ يَتَبَيَّنْ لَهُ قَبِلَ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ.
رَجُلٌ غَرِيبٌ شَهِدَ عِنْدَ الْقَاضِي فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَقُولُ لَهُ مَنْ مَعَارِفُكَ، فَإِنْ سَمَّاهُمْ وَهُمْ يَصْلُحُونَ لِلْمَسْأَلَةِ مِنْهُمْ سَأَلَ مِنْهُمْ فِي السِّرِّ، فَإِنْ عَدَّلُوا سَأَلَ مِنْهُمْ فِي الْعَلَانِيَةِ، فَإِنْ عَدَّلُوهُ قَبِلَ تَعْدِيلَهُمْ إذَا كَانَ الْقَاضِي يُرِيدُ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ تَزْكِيَةِ السِّرِّ وَالْعَلَانِيَةِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَإِنْ لَمْ يَصْلُحُوا تَوَقَّفَ فِيهِ وَسَأَلَ عَنْ الْمُعَدِّلِ الَّذِي فِي بَلْدَتِهِ إنْ كَانَ فِي وِلَايَةِ هَذَا الْقَاضِي، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَتَبَ إلَى قَاضِي وِلَايَتِهِ يَتَعَرَّفُ عَنْ حَالِهِ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ.
رَجُلٌ شَهِدَ عِنْدَ الْقَاضِي، وَهُوَ عَلَى رَأْسِ خَمْسِينَ فَرْسَخًا مِنْ بَلَدٍ فِيهِ الْقَاضِي فَبَعَثَ أَمِينًا عَلَى جُعْلٍ لِيَسْأَلَ الْمُعَدِّلَ عَنْ الشَّاهِدِ فَالْجُعْلُ عَلَى الْمُدَّعِي، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
إنْ كَانَتْ الشُّهُودُ شَهِدُوا عَلَى حَدٍّ، أَوْ قِصَاصٍ سَأَلَ عَنْهُمْ أَحْيَاءَهُمْ وَيَبْحَثُ عَنْ ذَلِكَ بَحْثًا شَافِيًا حَتَّى يَسْتَقْصِيَ مَعْرِفَةَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ إذَا اسْتَقْصَى رُبَّمَا ظَهَرَ شَيْءٌ يُوجِبُ سُقُوطَ الْحَدِّ عَنْهُ هَكَذَا فِي شَرْحِ أَدَبِ الْقَاضِي لِلْخَصَّافِ لِلصَّدْرِ الشَّهِيدِ.
إذَا أَتَاهُ كِتَابُ التَّعْدِيلِ وَاحْتَاطَ الْقَاضِي وَأَرَادَ أَنْ يَسْأَلَ عَنْ غَيْرِهِ أَيْضًا فَيَنْبَغِي أَنْ يَدْفَعَ إلَيْهِ أَسْمَاءَ الشُّهُودِ، وَلَا يُعْلِمُهُ أَنَّهُ سَأَلَ عَنْ حَالِهِمْ مِنْ غَيْرِهِ، فَإِنْ أَتَى الثَّانِي بِمِثْلِ مَا جَاءَ بِهِ الْأَوَّلُ فَقَدْ أَنْفَذَ ذَلِكَ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَإِنْ عَدَّلَهُمْ أَحَدُهُمَا وَجَرَحَهُمْ الْآخَرُ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ- رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى- الْجَرْحُ أَوْلَى كَمَا لَوْ عَدَّلَهُمْ اثْنَانِ وَجَرَحَهُمْ اثْنَانِ كَانَ الْجَرْحُ أَوْلَى فِي قَوْلِهِمْ، وَإِنْ جَرَحَهُمْ وَاحِدٌ وَعَدَّلَهُمْ اثْنَانِ تَثْبُتُ الْعَدَالَةُ فِي قَوْلِهِمْ، وَإِنْ جَرَحَهُمْ اثْنَانِ وَعَدَّلَهُمْ عَشَرَةٌ كَانَ الْجَرْحِ أَوْلَى، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
إذَا سَأَلَ الْقَاضِي عَنْ الشُّهُودِ وَطُعِنَ فِيهِمْ لَا يَنْبَغِي لِلْقَاضِي أَنْ يُصَرِّحَ لِلْمُدَّعِي بِأَنَّ شُهُودَكَ جُرِحُوا بَلْ يَقُولُ لَهُ زِدْ فِي شُهُودِكَ، أَوْ يَقُولُ لَهُ لَمْ يُحْمَدْ شُهُودُكَ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
فَإِنْ قَالَ الْمُدَّعِي أَنَا آتِي بِمَنْ يُعَدِّلُهُمْ مِنْ أَهْلِ الثِّقَةِ وَالْأَمَانَةِ، أَوْ قَالَ لِلْقَاضِي أُسَمِّي لَكَ أَقْوَامًا مِنْ أَهْلِ الثِّقَةِ فَاسْأَلْ عَنْهُمْ بِذَلِكَ فَسَمَّى لَهُ قَوْمًا يَصْلُحُونَ لِلْمَسْأَلَةِ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَسْمَعُ قَوْلَهُ، فَإِنْ جَاءَ بِقَوْمٍ وَعَدَّلُوا، أَوْ سَأَلَ أُولَئِكَ فَعَدَّلُوا يَنْبَغِي لِلْقَاضِي أَنْ يَسْأَلَ أُولَئِكَ الَّذِينَ طَعَنُوا فِيهِمْ بِمَ تَطْعَنُونَ فِيهِمْ؛ لِأَنَّهُمْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونُوا جَرَحُوهُمْ بِشَيْءٍ يَكُونُ جَرْحًا عِنْدَهُمْ، وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ جَرْحًا عِنْدَ الْقَاضِي وَعِنْدَ الْمُعَدِّلِينَ فَبَعْدَ ذَلِكَ الْمَسْأَلَةُ عَلَى وَجْهَيْنِ إمَّا أَنْ يُبَيِّنُوا كَذَلِكَ، أَوْ يُبَيِّنُوا بِمَا يَكُونُ جَرْحًا عِنْدَ الْكُلِّ فَفِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ لَا يَلْتَفِتُ إلَى ذَلِكَ وَيَأْخُذُ بِقَوْلِ الَّذِينَ عَدَّلُوا وَفِي الْوَجْهِ الثَّانِي الْجَرْحُ أَوْلَى، كَذَا فِي شَرْحِ أَدَبِ الْقَاضِي لِلْخَصَّافِ لِلصَّدْرِ الشَّهِيدِ.
وَهَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَالظَّهِيرِيَّةِ وَالْوَاقِعَاتِ وَالْمُحِيطِ نَقْلًا عَنْ الْعُيُونِ.
وَكَذَا لَوْ عَدَّلَ الْمُزَكِّي الشُّهُودَ وَطَعَنَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ، وَقَالَ لِلْقَاضِي سَلْ عَنْهُمْ فُلَانًا وَفُلَانًا وَسَمَّى قَوْمًا يَصْلُحُونَ لِلْمَسْأَلَةِ عَنْ الشُّهُودِ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَسْأَلُ عَنْهُمْ، فَإِنْ جَرَحُوا، أَوْ بَيَّنُوا جَرْحًا صَالِحًا كَانَ الْجَرْحُ أَوْلَى، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَهَكَذَا فِي الْمُحِيطِ.
نَقْلًا عَنْ الْعُيُونِ.
وَفِي نَوَادِرِ ابْنِ سِمَاعَةَ قُلْتُ لِمُحَمَّدٍ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- أَيَأْمُرُ الْقَاضِي الْمَشْهُودَ لَهُ أَنْ يَأْتِيَ بِمَنْ يُعَدِّلُ شُهُودَهُ؟ قَالَ: لَا، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
لَوْ ثَبَتَتْ عَدَالَةُ الشُّهُودِ عِنْدَ الْقَاضِي وَقَضَى بِشَهَادَتِهِمْ، ثُمَّ شَهِدُوا عِنْدَ الْقَاضِي فِي حَادِثَةٍ أُخْرَى إذَا كَانَ الْعَهْدُ قَرِيبًا لَا يَشْتَغِلُ بِتَعْدِيلِهِمْ، وَإِنْ كَانَ بَعِيدًا يَشْتَغِلُ بِهِ وَاخْتَلَفُوا فِي الْحَدِّ الْفَاصِلِ بَيْنَهُمَا وَالصَّحِيحُ فِيهِ قَوْلَانِ: أَحَدُهُمَا أَنَّهُ مُقَدَّرٌ بِسِتَّةِ أَشْهُرٍ وَالثَّانِي أَنَّهُ مُفَوَّضٌ إلَى رَأْيِ الْقَاضِي كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يُفَوَّضُ ذَلِكَ إلَى رَأْيِ الْقَاضِي، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَالشَّاهِدَانِ لَوْ عُدِّلَا بَعْدَمَا مَاتَا فَالْقَاضِي يَقْضِي بِشَهَادَتِهِمَا، وَكَذَا لَوْ غَابَا ثُمَّ عُدِّلَا، وَلَوْ خَرِسَا، أَوْ عَمِيَا، ثُمَّ عُدِّلَا لَا يَقْضِي بِشَهَادَتِهِمَا، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ.
لَوْ أَنَّ رَجُلًا عَدْلًا مَشْهُورًا بِالرِّضَا غَابَ، ثُمَّ حَضَرَ وَشَهِدَ وَسُئِلَ الْمُعَدِّلُ عَنْهُ، فَإِنْ كَانَتْ الْغَيْبَةُ قَرِيبَةً كَانَ لِلْمُعَدِّلِ أَنْ يُعَدِّلَهُ، وَإِنْ كَانَتْ مُنْقَطِعَةً مَسِيرَةَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ، أَوْ نَحْوِهِ، فَإِنْ كَانَ الرَّجُلُ مَشْهُورًا بِالرِّضَا كَأَبِي حَنِيفَةَ وَابْنِ أَبِي لَيْلَى فَلَهُ أَنْ يُعَدِّلَهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَشْهُورًا فَالْمُعَدِّلُ لَا يُعَدِّلُهُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
رَجُلٌ نَزَلَ بَيْنَ ظَهْرَانَيْ قَوْمٍ لَا يَعْرِفُونَهُ قَبْلَ ذَلِكَ فَأَقَامَ بَيْنَ أَظْهُرِهِمْ، وَلَمْ يَظْهَرْ لَهُمْ مِنْهُ إلَّا الصَّلَاحُ وَالِاسْتِقَامَةُ قَالَ مُحَمَّدٌ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى لَا أُوَقِّتُ فِيهِ وَقْتًا، وَهُوَ عَلَى مَا يَقَعُ فِي قُلُوبِهِمْ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
لَوْ أَنَّ صَبِيًّا بَلَغَ وَشَهِدَ شَهَادَةً فَحُكْمُهُ حُكْمُ الْغَرِيبِ الَّذِي نَزَلَ بَيْنَ ظَهْرَانَيْ قَوْمٍ، وَهُوَ الْمَشْهُورُ.
.
وَلَوْ أَنَّ نَصْرَانِيًّا أَسْلَمَ، ثُمَّ شَهِدَ، فَإِنْ كَانَ الْقَاضِي عَرَفَهُ عَدْلًا فِي النَّصْرَانِيَّةِ يَقْبَلُ شَهَادَتَهُ، وَلَا يَتَأَنَّى، وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْهُ بِالْعَدَالَةِ يَسْأَلُ مَنْ عَرَفَهُ بِالْعَدَالَةِ فِي النَّصْرَانِيَّة وَيَسَعُهُ أَنْ يُعَدِّلَهُ مِنْ غَيْرِ تَأَنٍّ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
فِي كِتَابِ الْأَقْضِيَةِ عَنْ مُحَمَّدٍ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- فِي نَصْرَانِيَّيْنِ شَهِدَا عَلَى نَصْرَانِيٍّ وَعَدَّلَا فِي النَّصْرَانِيَّةِ، ثُمَّ أَسْلَمَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ، ثُمَّ أَسْلَمَ الشَّاهِدَانِ فَالْقَاضِي لَا يَقْضِي بِتِلْكَ الشَّهَادَةِ، فَإِنْ أَعَادَا شَهَادَتَهُمَا بَعْدَ الْإِسْلَامِ فَالْقَاضِي يَسْأَلُ الْمُعَدِّلَ الْمُسْلِمَ عَنْ حَالِهِمَا، وَلَوْ كَانَ التَّعْدِيلُ السَّابِقُ مِنْ الْمُسْلِمَيْنِ قَضَى الْقَاضِي بِشَهَادَتِهِمَا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ التَّعْدِيلَ وَقَعَ مُعْتَبَرًا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
لَوْ عَرَفَ فِسْقَ الشَّاهِدِ فَغَابَ غَيْبَةً مُنْقَطِعَةً بِسَنَةٍ، أَوْ أَكْثَرَ، ثُمَّ قَدِمَ، وَلَا يَدْرِي مِنْهُ إلَّا الصَّلَاحَ لَا يَنْبَغِي لِلْمُعَدِّلِ أَنْ يَجْرَحَهُ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُعَدِّلَهُ أَيْضًا حَتَّى تَتَبَيَّنَ عَدَالَتُهُ.
وَكَذَلِكَ الذِّمِّيُّ لَوْ أَسْلَمَ وَعَرَفَ مِنْهُ مَا هُوَ جَرْحٌ قَبْلَ الْإِسْلَامِ لَا يَنْبَغِي لِلْمُعَدِّلِ أَنْ يَجْرَحَهُ، وَلَا يُعَدِّلَهُ حَتَّى تَظْهَرَ عَدَالَتُهُ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
قَالَ مُحَمَّدٌ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- فِي رَجُلٍ ارْتَكَبَ مَا يَصِيرُ بِهِ سَاقِطَ الشَّهَادَةِ مِنْ الْكَبَائِرِ، ثُمَّ تَابَ وَشَهِدَ عِنْدَ الْقَاضِي قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَ عَلَيْهِ زَمَانٌ لَا يَنْبَغِي لِلْمُعَدِّلِ أَنْ يُعَدِّلَهُ حَتَّى يَأْتِيَ عَلَيْهِ زَمَانٌ وَهُوَ عَلَى تَوْبَتِهِ، يَقَعُ فِي الْقَلْبِ أَنَّهُ صَحَّتْ تَوْبَتُهُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَا يَسْمَعُ الْقَاضِي الشَّهَادَةَ عَلَى الْجَرْحِ الْمُجَرَّدِ عَنْ حَقِّ الشَّرْعِ، أَوْ الْعَبْدِ، وَذَلِكَ بِأَنْ يَشْهَدُوا أَنَّ الشُّهُودَ فَسَقَةٌ، أَوْ زُنَاةٌ، أَوْ أَكَلَةُ الرِّبَا، أَوْ شَرَبَةُ الْخَمْرِ، أَوْ عَلَى إقْرَارِهِمْ أَنَّهُمْ شَهِدُوا بِالزُّورِ، أَوْ أَنَّهُمْ رَجَعُوا عَنْ الشَّهَادَةِ، أَوْ عَلَى إقْرَارِهِمْ أَنَّهُمْ أُجَرَاءُ فِي هَذِهِ الشَّهَادَةِ، أَوْ إقْرَارِهِمْ أَنَّ الْمُدَّعِيَ مُبْطِلٌ فِي هَذِهِ الدَّعْوَى، أَوْ إقْرَارِهِمْ عَلَى أَنْ لَا شَهَادَةَ لَهُمْ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي هَذِهِ الْحَادِثَةِ هَكَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ.
وَلَوْ أَقَامَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْبَيِّنَةَ عَلَى جَرْحٍ فِيهِ حَقٌّ مِنْ حُقُوقِ الْعِبَادِ، أَوْ حَقٌّ مِنْ حُقُوقِ الشَّرْعِ بِأَنْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُمْ زَنَوْا وَوَصَفُوا الزِّنَا، أَوْ شَرِبُوا الْخَمْرَ، أَوْ سَرَقُوا مِنِّي، وَلَمْ يَتَقَادَمْ الْعَهْدُ، أَوْ أَنَّهُمْ عَبِيدٌ، أَوْ أَحَدَهُمْ عَبْدٌ، أَوْ شَرِيكُ الْمُدَّعِي وَالْمُدَّعَى مَالٌ، أَوْ قَاذِفٌ وَالْمَقْذُوفُ يَدَّعِيهِ، أَوْ مَحْدُودُونَ فِي الْقَذْفِ، أَوْ عَلَى إقْرَارِ الْمُدَّعِي أَنَّهُ اسْتَأْجَرَهُمْ عَلَى أَدَاءِ هَذِهِ الشَّهَادَةِ تُقْبَلُ كَذَا فِي الْكَافِي.
ثُمَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إذَا أَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَنَّ شَاهِدَ الْمُدَّعِي مَحْدُودٌ فِي الْقَذْفِ فَالْقَاضِي يَسْأَلُ الشُّهُودَ مَنْ حَدَّهُ؟ هَكَذَا فِي الْأَصْلِ؛ لِأَنَّ إقَامَةَ الْحَدِّ إنْ حَصَلَ مِنْ السُّلْطَانِ، أَوْ مِنْ نَائِبِهِ تُبْطِلُ شَهَادَتَهُ، وَإِنْ حَصَلَ مِنْ وَاحِدٍ مِنْ الرَّعَايَا لَا تُبْطِلُ شَهَادَتَهُ فَلَا بُدَّ مِنْ السُّؤَالِ عَنْ ذَلِكَ، وَإِنْ قَالَ: حَدَّهُ قَاضِي كُورَةِ كَذَا فَالْقَاضِي هَلْ يَسْأَلُهُ فِي أَيِّ وَقْتٍ حَدَّهُ؟ لَمْ يَذْكُرْهُ مُحَمَّدٌ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- فِي الْأَصْلِ وَفِي كِتَابِ الْأَقْضِيَةِ أَنَّ الْقَاضِيَ يَسْأَلُ لِيَعْلَمَ أَنَّهُ هَلْ كَانَ قَاضِيًا فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ؟ كَذَا فِي الْمُحِيطِ، فَإِنْ قَالَ الْمُدَّعِي أَنَا أُقِيمُ الْبَيِّنَةَ عَلَى إقْرَارِ ذَلِكَ الْقَاضِي أَنَّهُ لَمْ يَحُدَّهُ، أَوْ عَلَى أَنَّهُ مَاتَ قَبْلَ الْوَقْتِ الَّذِي شَهِدُوا، أَوْ عَلَى إقْرَارِ ذَلِكَ الْقَاضِي أَنِّي كُنْتُ غَائِبًا عَنْ الْمِصْرِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ لَا يَقْبَلُ الْكُلَّ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
لَوْ شَهِدُوا أَنَّ الْمُدَّعِيَ اسْتَأْجَرَهُمْ بِعَشَرَةٍ وَأَعْطَاهُمُوهَا مِنْ مَالِي الَّذِي كَانَ فِي يَدِهِ، أَوْ أَنِّي صَالَحْتُهُمْ عَلَى كَذَا مِنْ الْمَالِ وَدَفَعْتُ إلَيْهِمْ عَلَى أَنْ لَا يَشْهَدُوا عَلَيَّ بِالْبَاطِلِ، وَقَدْ شَهِدُوا وَطَالَبَهُمْ بِرَدِّ الْمَالِ، أَوْ عَلَى إقْرَارِهِمْ بِأَنَّهُمْ لَمْ يَحْضُرُوا ذَلِكَ الْمَجْلِسَ الَّذِي كَانَ فِيهِ ذَلِكَ الْأَمْرُ، أَوْ عَلَى إقْرَارِ الْمُدَّعِي أَنَّهُمْ فَسَقَةٌ وَنَحْوُ ذَلِكَ مِنْ إقْرَارِهِ بِمَا يُبْطِلُ شَهَادَتَهُمْ تُقْبَلُ هَكَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ.
وَفِي نَوَادِرِ ابْنِ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- ادَّعَى دَارًا فِي يَدَيْ رَجُلٍ فَأَقَامَ عَلَى ذَلِكَ شُهُودًا، أَوْ أَقَامَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ شُهُودًا أَنَّ هَذَا الشَّاهِدَ كَانَ يَدَّعِيهَا وَيَزْعُمُ أَنَّهَا لَهُ فَهَذَا جَرْحٌ إنْ عُدِّلَتْ بَيِّنَتُهُ، وَكَذَلِكَ لَوْ أَقَامَ بَيِّنَةً أَنَّ الشَّاهِدَ كَانَ يَدَّعِي الشَّرِكَةَ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَإِذَا أَقَامَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةَ أَنَّ الْمُدَّعِيَ وَكَّلَ الشَّاهِدَ فِي هَذِهِ الْخُصُومَةِ قَبْلَ شَهَادَتِهِمْ، وَقَدْ خَاصَمَ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُمْ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
إذَا قَالَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ إنَّ الشَّاهِدَيْنِ عَبْدَانِ، وَقَالَا: نَحْنُ حُرَّانِ لَمْ نُمْلَكْ قَطُّ، فَإِنْ عَرَفَهُمَا الْقَاضِي وَعَرَفَ حُرِّيَّتَهُمَا لَا يَلْتَفِتُ إلَى قَوْلِ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ لَا يَعْرِفُهُمَا وَكَانَا مَجْهُولَيْنِ قَبِلَ قَوْلَ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ، وَلَا يَقْبَلُ شَهَادَتَهُمَا إلَّا أَنْ يُقِيمَ الْمُدَّعِي أَوْ هُمَا بَيِّنَةً أَنَّهُمَا حُرَّانِ فَحِينَئِذٍ يَقْبَلُ شَهَادَتَهُمَا، فَإِنْ قَالَا: سَلْ عَنَّا.
لَا يَقْبَلُ ذَلِكَ، فَإِنْ سَأَلَ عَنْهُمَا فَأُخْبِرَ أَنَّهُمَا حُرَّانِ فَقَبِلَ شَهَادَتَهُمَا كَانَ ذَلِكَ حَسَنًا، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ.
وَإِنْ طَلَب عَلَى ذَلِكَ بَيِّنَةً فَهُوَ أَحَبُّ وَأَحْسَنُ، وَلَوْ جَاءَ إنْسَانٌ وَادَّعَى رِقِّيَّةَ هَذَا الشَّاهِدِ بَعْدَ ذَلِكَ لَا ذِكْرَ لِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي الْكُتُبِ قَالَ فَخْرُ الْإِسْلَامِ عَلِيٌّ الْبَزْدَوِيُّ وَفِيهِ شُبْهَةٌ يَجِبُ أَنْ لَا يَسْمَعَ إذَا قَامَتْ الْبَيِّنَةُ عَلَى حُرِّيَّتِهِ وَيَسْمَعَ إنْ لَمْ تَقُمْ الْبَيِّنَةُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَكَذَا لَوْ قَالَ الشُّهُودُ كُنَّا عَبِيدًا لَكِنَّا عَتَقْنَا لَا يَقْبَلُ الْقَاضِي ذَلِكَ إلَّا بِبَيِّنَةٍ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَكَذَلِكَ إذَا قَالَتْ الشُّهُودُ نَحْنُ أَحْرَارُ الْأَصْلِ، وَقَالَ الْمُزَكُّونَ كَانُوا عَبِيدًا لِفُلَانٍ أَعْتَقَهُمْ فَالْقَاضِي لَا يَقْضِي بِشَهَادَتِهِمْ حَتَّى تَقُومَ الْبَيِّنَةُ عَلَى الْعِتْقِ، وَإِنْ أَقَامَ الْمَشْهُودُ لَهُ بَيِّنَةً عَلَى الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ أَنَّ فُلَانًا أَعْتَقَهُمْ، وَهُوَ يَمْلِكُهُمْ وَقَضَى الْقَاضِي بِعِتْقِهِمْ كَانَ ذَلِكَ قَضَاءً عَلَى الْعِتْقِ حَتَّى لَوْ حَضَرَ وَأَنْكَرَ الْإِعْتَاقَ لَا يَحْتَاجُ إلَى إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْمَشْهُودَ عَلَيْهِ انْتَصَبَ خَصْمًا عَنْ الْمَوْلَى، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.